تمثّل الدراسات القرآنية (علوم القرآن)، والتي طُوِّرت بين القرنين 2 و8 هجري (9 و15 م)، إحدى الركائز الأساسية للعلوم الإسلامية. ويمكن تعريفها بأنها العلوم التي تُسائل موضوعات وأشكالَ وأيضا أغراضَ النص القرآني. يهدف هذا المؤتمر إلى مناقشة مبادئ وأُسس ومناهج وكذلك طبيعة المعرفة النابعة من علوم القرآن. وبالتالي فإن الوضع المعرفي للدراسات الإسلامية هو الذي سيتم تحليله. وفي هذا الصّدد، نستطيع، على سبيل المثال، تسليط الضوء على مختلف التفسيرات للآية الشهيرة من سورة النحل: “وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ” (89 :16)، أو أيضا تناول الأسئلة المتعلقة بظهور المقولات والمفاهيم بالإضافة إلى التطورات التي عرفتها العلوم القرآنية (في العصور الوسطى والحديثة والمعاصرة).

وإلى جانب هذه المقاربة المعرفيّة سيركِّز هذا المؤتمر على مناهج تحليل القرآن الكريم سواء كانت منبَثِقة عن العلوم القرآنيّة التقليدية أو عن أحدث التطورات التي تشهدها البحوث والدراسات القرآنية. ومن هنا سيقع التطرق إلى الافتراضات التي بُنيت عليها هذه المناهج، وإلى تطبيقاتها وتداعياتها على فهمنا الحالي للنّص. كما سيتم تسليط اهتمام خاص على التطورات الأخيرة للدراسات القرآنية في أوروبا وأمريكا الشمالية. قبل كلّ شيئ سيتعلّق الأمر بمناقشة السياق الذي ظهر فيه القرآن وأدّى إلى تَشكُّل النصّ القانوني (المقدّس) بالاعتماد على مصادر (ومناهج) مُبتَكرة: مخطوطات قرآنية من القرن 7 ميلادي، مصادر لم تكن معروفة أو معروفة بشكل محدود، أو نقوش من الجزيرة العربيّة تعود إلى القرن 7 ميلادي. ثمّ بعد هذا سيتمّ تسليط الضوء على علاقات التّناص بين القرآن والتقاليد الكتابيّة الدينيّة السابقة، وذلك في سياق أوسع يشمل أواخر العصور القديمة. وسوف نبحث هنا عمليّة إعادة كتابة النصوص البيبليّة (الكتاب المقدّس) وشبه البيبليّة والتّطابق معها التي اعتمدها القرآن الكريم والتفسير الإسلامي. وأخيرا، انطلاقا من الأدوات الجديدة لعلوم اللّسانيّات المعاصرة ومناهج مُنبَثقة عن الدراسات البيبليّة، سيقع طرح الأسئلة حول خصوصيات هذا النص فيما يتعلّق بالحِجاج، والجدل والتأليف.

هناك مقاربة ثالثة مُكمِّلة للمقاربات المعرفيّة والمنهجيّة ستهتمّ بدورها بالموضوعات القرآنية والرّهانات التفسيريّة التي تثيرها. وسيقع هنا اختيار موضوع محوري يدور حول الجدل في القرآن. كما سيقع، من خلال الأدب التفسيري الكلاسيكي والحديث، التِماس الأشكال البلاغيّة المتوخاة والدّلالات وكذلك النتائج المترتّبة على التفسيرات المتتالية والمتناقضة أحيانا حول هذين الموضوعين. كما أنّه سيقع إعطاء اهتمام خاصّ للمساهمات النقديّة التي تحاول تناول هذا العنف في ضوء السّياق القَبَلي الضيِّق داخل الجزيرة العربيّة أو في سياق العصور القديمة المتأخّرة بشكل أوسع.

سيتمحور هذا الملتقى حول المحاور الثلاثة التالية:

1- نظريّة المعرفة: مكانة الدراسات القرآنيّة في العلوم الإسلاميّة
2- المناهج: أدوات التحليل (الافتراضات، التطبيقات والأغراض)
   أ- أدوات التحليل التقليديةة
   ب- أدوات التحليل المعاصرة
3- المواضيع والتفاسير: حول الجدل في القرآن
   أ- التقليدية
   ب- المعاصرة